القائمة الرئيسية

الصفحات

 


قصة موسى و الرجل الحكيم:

كلنا يعرف قصة موسى والخضر عليهما السلام
لكن هل سألت نفسك عن الخضر.هل هو نبيٌ أم ولىٌ أم عالم أم ماذا ؟
هل انتابتك الدهشةُ لهذا العبدِ الذي جعله الله أكثرَ علماً وحِكمةً من نبىٍ مرسل ؟بل نبىٍ من أولى العزم.وكليمِ الرحمن !! 
الأكيد أن هذه القصة تختلف عن كل القصص ،فهى لم تكن كغيرها من القصص ..  لماذا ؟
لأن القصة تتعلق بعلمٍ ليس هو علمُنا القائم على الأسباب و لا هو علمُ الأنبياء القائمُ على الوحي.و انما نحن في هذه القصة أمام علمٍ من طبيعةٍ أخرى غامضةٍ أشد الغموض .. هو علم القدر  ..لأنه يجيب على أصعب سؤال يدور في النفس البشرية منذ خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ..

 سؤال .. لماذا خلق الله الشر ؟ 

ولماذا خلق الفقر والمعاناة ؟ 

والحروب والأمراض؟ 

ولماذا يموت الأطفال صغارا ؟

ولماذا ولماذا... 

البعض يذهب إلى أن العبد الصالح لم يكن إلا تجسيدا للقدر المتكلم .وأهم مواصفات القدر المتكلم
 أنه رحيمٌ عليمٌ  👉أي أن الرحمة سبقت العلم .فقال النبي موسى  : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ؟ 
يرد ( الخضر ) : إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراًوَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ..
إن فهمَ أقدار الله فوق اإمكانيات العقل البشري.ولن يصبر على التناقضات التي يراها.يرد موسى  : سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً 
وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً..

هنا تبدأ أهم رحلة توضح لنا كيف يعمل القدر..يركبا في قارب المساكين فيخرق الخضر القارب ..تخيل المعاناة الرهيبة التي حدثت للمساكين في القارب المثقوب من .. معاناة ، وألم ، رعب ، خوف من الغرق .هذا الفعل جعل سيدنا موسى  يقول :
أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً.
ثم يمضيا بعد تعهد جديد من موسى بالصبر ..ويقوم الخضر بقتل الغلام .. ويمضي .. فيزداد غضب موسى عليه السلام
ويعاتب بلهجة أشد .. أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا..
والكلام صادر عن نبي يُوحي إليه.. لكنه بشر مثلنا .. ويعيش نفس حيرتنا .. فيؤكد له الخضر مرة أخرى
أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً؟ ثم يمضيا بعد تعهد أخير من سيدنا موسى .بأن يصمت و لا يسأل ..فيذهبان إلى القرية فيبني الخضر الجدارليحمي كنز اليتامى .. و هنا ينفجر سيدنا موسى .. لماذا تبنى الجدار لهؤلاء القوم البخلاء.فيجيبه الخضر ويعلمه 
و يعلمنا معه ..لنعلم الحكمة لاحقا من الامور الثلاثة ..

- من خرق السفينة  
- ومن قتل الغلام 
- وبناء الجدار 



* لنستخلص من القصة ،، 

أن هناك 3 أنواع لأفعال الله معنا :

ــ الأول :

تحسبُه شراً.لكنه في الحقيقة خير و يكشفه الله لكٌ .فما بدا شراً لأصحاب القارب كان خيرا واتضح لهم فيما بعد أنه كان خيرا لهم  ،،
لما نجوا من الملك الظالم،، 

النوع الثاني :

تحسبه شرا .. لكنه في الحقيقة خير.لكن لن يكشفه الله لك طوال حياتك .فتعيش عمرك و أنت تحسبه شرا .. حتى تموت،، 
فهل عرفت أمُ الغلام حقيقةَ ما حدث؟هل أخبرها الخضرُ بما أخبرنا الله به؟الجواب لا .. 
وبالتأكيد انفطر قلبها لمقتل ولدها.وأمضت الليالي والشهور الطويلة بل السنين.حزناً على هذا الغلام الذي ربته حتي كبر ، ليأتي رجل غريب يقتله ويمضي .. وكأن شيئا لم يكن.وفى الغالب أنها لم تفهم أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول.. 
ولم تعلم أيضا أن الأول كان سيكفر بالله (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً) 
فهنا نحن أمام ألم شديد وشر مستطير - في الظاهر - قد أصاب الأم ..ولم تستطع تفسيره أبدا.و لن تفهم أم الغلام حقيقة ما حدث 
إلى يوم القيامة ..نحن الآن نمر على المشهد مرور الكرام .لأننا نعرف لماذا فعل الخضر ذلك ؟ أما هي فلم تعرف ساعتها شئيا و لن تعرف ..

النوع الثالث:  

و هو الأهم .هو شر يصرفه الله عنك دون أن تدري.وهو لطف الله الخفي .الخير الذي يسوقه الله لك و لم تراه و لن تراه و لن تعلمه ..
إلا يوم القيامة .
هل اليتامى أبناء الرجل الصالح .عرفوا أن الجدار كان سيهدم ؟ لا.. هل عرفوا أن الله أرسل لهم من يبنيه ؟ لا.. هل شاهدوا لطف الله الخفي .. الجواب قطعا لا.. 
فلنعد إذاً إلى كلمة الخضر الاولى :إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً..لن تستطيع أيها الإنسان أن تفهم أقدار الله ..لأن الصورة أكبر من عقلك .. 
ولأنك أضعفُ من ذلك.ولكن استعن بلطف الله الخفي .لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما . ثق في ربك فإن قدَرَه كلَّه خير ..
وقل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله .. لكنني متصالح مع نفس ."فالكلٌ من عند ربنا" ..


تعليقات